التحذير من المدعو عبد الله الهَرَرِي وحركة الأحباش اللبنانية
المسماة جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية
مركز النصر لأهل السّنّة والجماعة
جاكرتا
المسماة جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية
مركز النصر لأهل السّنّة والجماعة
جاكرتا
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. الحمد لله بارئِ النَّسَم ومحيي الرِّمَم ومقدّر القِسَم ومفرّق الأُمم إلى الهدايةِ للطريق الأَمَم، والخِذْلانِ باقتراف الزَّلَل واللَّمَم، موضِّحِ الحق بواضحات الدلائل ومُزهِقِ الكفرِ والباطل، ومبتعثِ الرسول ﷺ على حينِ ضلالٍ من الخلق وفُتورٍ من الحقّ، بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسِراجاً منيراً. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ الأحزاب 70. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ التحريم 6. ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ الأنفال 25.
أما بعد فهذا تعريف لضلالات المدعو عبد الله الهرري وطائفته الأحباش اللبنانية ومؤسستهم
(جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية)
Association of Islamic Charitable Projects (AICP)
جمعناه مما صح عندنا من معلومات ومرويات، منها ما سبق أن نشر ومنها ما لم ينشر من قبل. والله وليّ التوفيق وهو حسبنا.
الهرري هو أبو عبدالرحمن عبدالله بن محمد بن يوسف بن عبدالله بن جامع الهَرَري (1910-2008)، ولد في مدينة (هَرَر) الواقعة تحت سلطان الأحباش النصارى، والذين كانوا يحكمون مايسمى بإثيوبيا اليوم. وفيها قرأ بعض كتب الفقه الشافعي والحديث وتقلّد الطريقة القادرية فترة من الزمن حتى انتقل إلى الطريقة التجانية وبعد مدة رجع إلى القادرية بسبب تكفيره لأصحاب الطريقة التجانية. ثم تركهما جميعاً وبايع على الطريقة الرفاعية. ومن سنة 1940 إلى 1950 أثار الفتن ضد المسلمين، حيث تعاون مع حاكم إندراجي صهر هيلاسيلاسي ضد الجمعيات الإسلامية لتحفيظ القرآن بمدينة هرر فيما عرف بفتنة بلاد كُلنب فصدر الحكم على مدير المدرسة إبراهيم حسن بالسجن ثلاثاً وعشرين سنة مع النفي حيث قضى نحبه في مقاطعة جوري بعد نفيه إليها. وبسبب تعاون عبد الله الهرري مع هيلاسيلاسي تم تسليم الدعاة والمشايخ إليه وإذلالهم حتى فر الكثيرون إلى مصر والسعودية. ثم دخل الهرري بلاد الشام عام 1950 واستقر في دمشق حتى أُخرِج منها في الستينات وارتحل حتى استقر في بيروت مشتغلاً بالتدريس، مركزاً على علم الكلام والتصوف وبعض المسائل الفقهية، فالتف حوله بعض المغرور بهم ولازموه من أمثال نزار حلبي المقتول وكان مولعاً بالتكفير والسب والشتم، ورئيسهم حسام قراقيرة الشبه الحليق وهو إلى العوامّ أقرب، والبرلمانيَّين عدنان طرابلسي وطه تاجي وشاعرهم أسامة السيّد ويعد من أقبحهم لساناً وأجرئهم كذباً على علماء الأمة ودعاتها وغيرهم حتى بلغ أتباعه في عام 1975 (150) طالباً. وأراد الهرري أن يكون له تواجد أكثر فعالية على الصعيد الاجتماعي والسياسي فقام بمحاولة إحياء جمعية يطلق عليها اسم (جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية) فاتصل بالمسؤولين في هذه الجمعية محاولة منه لكسبهم وضمهم تحت لوائه فحصل له ذلك. وحينما قرعت طبول الحرب في لبنان، وحدثت الحرب الأهلية اللبنانية في الفترة ما بين (1975 – 1982) اشتغل الأحباش هذه الفترة لتغلغل في الطبقات الاجتماعية لبث دعوتهم، والتفريق بين المسلمين كما صنع ذلك الحبشي في موطنه السابق الحبشة. والملحوظ في تاريخ الأحباش اللبنانية أن علاقاتهم جيّدة مع جميع الطوائف إلا أهل السّنّة حيثما وجدوا. وانتشروا في لبنان بصورة تثير الريبة، حيث انتشرت مدارسهم الضخمة وصارت حافلاتهم تملأ المدن وأبنية مدارسهم تفوق سعة المدارس الحكومية، علاوة على الرواتب المغرية لمن ينضم إليهم ويعمل معهم، وأصبح لهم إذاعة في لبنان تبث أفكارهم وتدعو إلى مذهبهم، كما ينتشر أتباع الحبشي في أوروبا وأمريكا وقد أثاروا القلاقل في كندا وأستراليا واليبان والسويد والدانمارك.
وقد ذكر العلامة النحرير مفتي المالكية ثم الحنفية في الجامع الأُمَوي في دمشق السيد إبراهيم بن القطب إسماعيل اليعقوبي رحمهما الله في كُنَاشَته أن الهرري قرأ عليه بعض الكتب أيام إقامته في دمشق، فالهرري في عداد تلاميذ السيد إبراهيم اليعقوبي، وكان علماء دمشق في غِرَّة من أمر الهرري لكونه منتحلاً علم الحديث والتصوّف ويتصدّى للرد على ناصر الألباني، علماً بأن الألباني أعلى باعاً منه في علم الحديث وأوسع إطّلاعا بكثير، فلما تبيّن أمره تبرّؤوا منه، وكان السيد إبراهيم في طليعة من أخرج الهرري من سوريا، وكان يراه (ضالاً مضلاً) على حد تعبير ابنه العلامة المحدث المسند الفقيه الداعية المجاهد السيد محمد أبي الهدى اليعقوبي حفظه الله، وكان يراه فقيه السادة الأحناف الشيخ محمد أديب كَلَّاس الدمشقي رحمه الله تكفيرياً مبتدعاً لا سيما فيما أتى به الهرري من إيجاب تكفير المعتزلة، وأجاب في الأحباش تلميذ الشيخ أديب العلامة الفقيه المربّي الشيخ عبد الهادي خرسة ما نصّه (الأحباش عقيدتهم الأساسية صحيحة موافقة لعقيدة أهل السنة والجماعة ولكن دخل إليهم انحراف في مسألة تكفير المعيّن من العلماء والعامة لكلامٍ يحتمل التأويل وتكفير من لم يوافقهم على التكفير فضلّوا بسبب ذلك وأضلوا وخرجوا بتلك المسألة عن عقيدة أهل السنة والجماعة) اﻫ.
وقال شيخ الإسلام في البلد الحرام المسنِد السيد محمد بن علوي المالكي رحمه الله سنة 1999 في داره بمكة أيام الحج الأكبر قال (كفّرني الهرري لأنّي لم أكفّر ابن تيمية ولأني استشهدت به في كتبي وهذا غلو وظلم) ثم قرأ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِله شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اِعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ ووصف الدكتور محمد وهبة الزحيلي الدمشقي فرقة الأحباش اللبنانية بأنهم ضالون مضلون وجماعة فتنة وأهواء وانحلال من الدين وأنهم مشبوهون في صلتهم بدولة أجنبيّة وحذّر منهم أشد التحذير لأنهم دخلاء على الأمّة متسترون بالرد على التجسيم والتنقيص فيغترّ بهم كثير من علماء العرب فضلاً عن العجم والعوام. وهذا محقق إذ ممثلهم في إيطاليا المدعو عبد الهادي بَلَازِّي يجهر بكونه (مسلم صهيوني محب لدولة إسرائيل وشعبها) على حد تعبيره. وكذا فنّدهم الدكتور محمد توفيق بن محمد سعيد البوطي في خُطَبه وغيرهم من العلماء كالمؤرّخ الشيخ أبي العِز محمد معتَزّ السُبَيني الدمشقي وكان منهم ثم تركهم وكالدكتور على جمعة والدكتور أحمد عمر هاشم والدكتور يوسف القرضاوي المصريين حفظ الله الأحياء ورحم الله الأموات.
وقد ألّف الهرري هذا كتباً يفسّق ويؤثّم فيها جميع الصحابة الذين قاتلوا علياً رضي الله عنه منها ما أسماه (الدليل الشرعي على إثبات عصيان من قاتلهم علي من صحابي أو تابعي) وينسب فيه أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير المبشرين بالجنة إلى العصيان والبغي والظلم والتمرّد جلياً وفي كتب أخرى كـ(صريح البيان) و(إظهار العقيدة) و(المطالب الوفية) و(الدليل القويم) و(بغية الطالب) و(المقالات السنية) وكذا خالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص إلا أنه ينسب الفريق الأول إلى التوبة وينسب الفريق الثاني إلى ميتة الجاهلية وهذا كلّه ترفّض قبيح، ولا يقبل ما اتفق عليه العلماء أن فعلهم رضي الله عنهم كان عن تأويل واجتهاد مأجور وكلهم من أهل الاجتهاد كما قال أئمة أهل السّنّة كأبي الحسن الأشعري والأئمة الأربعة وسائر أئمة السلف والخلف كالمحاسبي والخطابي وابن فورك وإمام الحرمين والآمدي والنووي وابن أرسلان و اللقاني، مع كونه يتستّر ويستشهد بالشافعي والأشعري وهو بعيد منهما كل البعد إذ أهل السّنّة قاطبةً يثبتون أن عليّاً على الحق ثم يكفّون عن ذكر الصحابة بالسوء. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه للربيع: (لا تَخُضْ في أصحاب النبي فإنَّ خَصْمَك الله يومَ القيامة). وكان عمر بن عبد العزيز إذا سئل عن صفين والجمل قال: أمرٌ أخرج الله يدي منه لا أُدخِلُ لساني فيه. وفي رواية: تلك دماء غيّب الله عنها يدي أأحضرها بلساني؟ وناهيك بقول الإمام أحمد رضي الله عنه لما سئل ماذا تقول فيما كان من علي ومعاوية رحمهما الله قال: ما أقول فيها إلا الحسنى رحمهم الله أجمعين. وقال أيضا في بيان عقيدة أهل السّنّة والجماعة:
«من الحجة الواضحة الثابتة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله ﷺ كلهم أجمعين والكفّ عن ذكر مساوئهم والخلاف الذي شجر بينهم فمن سب أصحاب رسول الله ﷺ أو أحدا منهم أو تنقصه أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب أحدا منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا بل حبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة. وخير الأمة بعد النبي ﷺ أبو بكر وعمر بعد أبي بكر وعثمان بعد عمر وعلي بعد عثمان ووقف قوم على عثمان وهم خلفاء راشدون مهديون ثم أصحاب رسول الله ﷺ بعد هؤلاء الأربعة خير الناس لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فإن تاب قبل منه وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة وخلده الحبس حتى يموت أو يراجع.» اﻫ. ومثله مروي عن كثير من أصحابه، عنه رحمه الله. كمسدد بن مسرهد وعبدوس بن مالك والاصطخري وغيرهم.
وقال الإمام الحارث المحاسبي رضي الله عنه في رسالة المسترشدين (أَصْلُ الِاسْتِقَامَةِ فِي ثَلَاثَةٍ:اتِّبَاعُ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَلُزُوْمُ الْجَمَاعَةِ) وهذا الهرري المارق فارق الجماعة ونبذ الكتاب والسّنّة والإجماع وراء ظهره. وقال المحاسبي عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: (نعلم أن القوم كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا، ونتبع ما اجتمعوا عليه، ونقف عند ما اختلفوا فيه ولا نبتدع رأيا منا، ونعلم أنهم اجتهدوا وأرادوا الله عز وجل، إذ كانوا غير متَّهَمين في الدين، ونسأل الله التوفيق) كما في تفسير القرطبي.
وقال الإمام الطحاوي في عقيدته: «ونحب أصحاب رسول الله ﷺ ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحدهم ، ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.... ومَن أحسن القول في أصحاب رسول الله ﷺ وأزواجه وذرياته فقد برئ من النفاق» اﻫ. وقال القاضي عياض في الشفا: ومن توقيره ﷺ وبره توقير أصحابه وبرهم ومعرفة حقهم والإقتداء بهم وحسن الثناء عليهم والإمساك عما شجر بينهم. والإمام الهيتمي يقول في (الصواعق المحرقة): «إعلم أن الذي أجمع عليه أهل السنة والجماعة أنه يجب على كل أحد تزكية جميع الصحابة بإثبات العدالة لهم والكف عن الطعنِ فيهم والثناءُ عيلهم، فقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم في آيات من كتابه، منها قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ آل عمران 110فأثبت الله لهم الخيرية على سائر الأمم، [قلت: والوسطية أي العدالة والخيرية بقوله تعالى ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ البقرة 143] ولا شيء يعادل شهادة الله لهم بذلك لأنه تعالى أعلم بعباده وما انطووا عليه من الخيرات وغيرها، بل لا يعلم ذلك غيره تعالى. فإذا شهد تعالى فيهم بأنهم خير الأمم وجب على كل أحد اعتقاد ذلك والإيمان به وإلا كان مكذِّبا لله في إخباره، ولا شك أن من ارتاب في حقّية شيء مما أخبر الله أو رسوله به، كان كافراً بإجماع المسلمين.» اﻫ. وعدّ الكلام فيهم من الكبائر في (الزواجر) كما سبقه إلى هذا الحكم كثير من الأئمة منهم القاضي عياض في الشفا والإمام النووي في شرح صحيح مسلم حيث قال: (سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سَواءٌ من لابس الفتنة منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة) وقال (وأما معاوية رضي الله عنه فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء رضي الله عنه) وغيرهما. ونحوه قول ابن كثير في اختصاره لمقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث:
«وأما ما شجر بينهم بعده عليه الصلاة والسلام فمنه ما وقع عن غير قصد كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد كيوم صفين، والاجتهاد يخطئ ويصيب، ولكن صاحبه معذور وإن أخطأ ومأجور أيضاً، وأما المصيب فله أجران اثنان، وكان علي وأصحابه أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين. »
قال الصّادق المَصدوق ﷺ (أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِم اقْتَدَيْتُم اِهْتَدَيْتُمْ) خرّج طرقه الحافظ ابن حجر في المجلس السادس والثلاثين من كتاب (موافقة الخُبْر الخَبَر) منها طريق قوّاها الحافظان البيهقي في كتاب (الإعتقاد) وابن عبد البر في (جامع بيان فضل العلم). قال قوّام السّنّة الأصبهاني في كتابه (الحجة في بيان المَحَجَّة وشرح عقيدة أهل السنة):
«قال أهل السنة : الكَفّ عن مساوئ أصحاب مُحَمَّد ﷺ سُنّةٌ لأن تِلْكَ المساوئ لم تكن عَلَى الحقيقة مساوئ، فالصحابة رضي الله عنهم كانوا أخْيَرَ الناس وهم أئمة لمن بعدهم، والإمام إذا لاح له الخير فِي شيء حتى فعله لا يجب أن يُسَمَّى ذَلِكَ الشيء إساءة، إذ المساوئ مَا كان عَلَى اختيار فِي قصد الحق من غير إمام، فكيف تُعَدّ أفعالهم مساوئ، وقد أمر الله بالاقتداء بهم، طهّر الله قلوبنا من القدح فيهم وألحقنا بهم.»
وقال الإمام الحافظ الأثري الأشعري شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن أحمد المَقَّرِيِّ المالكي (992-1041) في (منظومة إضاءة الدُجُنَّة في إعتقاد أهل السّنّة):
أما بعد فهذا تعريف لضلالات المدعو عبد الله الهرري وطائفته الأحباش اللبنانية ومؤسستهم
(جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية)
Association of Islamic Charitable Projects (AICP)
جمعناه مما صح عندنا من معلومات ومرويات، منها ما سبق أن نشر ومنها ما لم ينشر من قبل. والله وليّ التوفيق وهو حسبنا.
الهرري هو أبو عبدالرحمن عبدالله بن محمد بن يوسف بن عبدالله بن جامع الهَرَري (1910-2008)، ولد في مدينة (هَرَر) الواقعة تحت سلطان الأحباش النصارى، والذين كانوا يحكمون مايسمى بإثيوبيا اليوم. وفيها قرأ بعض كتب الفقه الشافعي والحديث وتقلّد الطريقة القادرية فترة من الزمن حتى انتقل إلى الطريقة التجانية وبعد مدة رجع إلى القادرية بسبب تكفيره لأصحاب الطريقة التجانية. ثم تركهما جميعاً وبايع على الطريقة الرفاعية. ومن سنة 1940 إلى 1950 أثار الفتن ضد المسلمين، حيث تعاون مع حاكم إندراجي صهر هيلاسيلاسي ضد الجمعيات الإسلامية لتحفيظ القرآن بمدينة هرر فيما عرف بفتنة بلاد كُلنب فصدر الحكم على مدير المدرسة إبراهيم حسن بالسجن ثلاثاً وعشرين سنة مع النفي حيث قضى نحبه في مقاطعة جوري بعد نفيه إليها. وبسبب تعاون عبد الله الهرري مع هيلاسيلاسي تم تسليم الدعاة والمشايخ إليه وإذلالهم حتى فر الكثيرون إلى مصر والسعودية. ثم دخل الهرري بلاد الشام عام 1950 واستقر في دمشق حتى أُخرِج منها في الستينات وارتحل حتى استقر في بيروت مشتغلاً بالتدريس، مركزاً على علم الكلام والتصوف وبعض المسائل الفقهية، فالتف حوله بعض المغرور بهم ولازموه من أمثال نزار حلبي المقتول وكان مولعاً بالتكفير والسب والشتم، ورئيسهم حسام قراقيرة الشبه الحليق وهو إلى العوامّ أقرب، والبرلمانيَّين عدنان طرابلسي وطه تاجي وشاعرهم أسامة السيّد ويعد من أقبحهم لساناً وأجرئهم كذباً على علماء الأمة ودعاتها وغيرهم حتى بلغ أتباعه في عام 1975 (150) طالباً. وأراد الهرري أن يكون له تواجد أكثر فعالية على الصعيد الاجتماعي والسياسي فقام بمحاولة إحياء جمعية يطلق عليها اسم (جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية) فاتصل بالمسؤولين في هذه الجمعية محاولة منه لكسبهم وضمهم تحت لوائه فحصل له ذلك. وحينما قرعت طبول الحرب في لبنان، وحدثت الحرب الأهلية اللبنانية في الفترة ما بين (1975 – 1982) اشتغل الأحباش هذه الفترة لتغلغل في الطبقات الاجتماعية لبث دعوتهم، والتفريق بين المسلمين كما صنع ذلك الحبشي في موطنه السابق الحبشة. والملحوظ في تاريخ الأحباش اللبنانية أن علاقاتهم جيّدة مع جميع الطوائف إلا أهل السّنّة حيثما وجدوا. وانتشروا في لبنان بصورة تثير الريبة، حيث انتشرت مدارسهم الضخمة وصارت حافلاتهم تملأ المدن وأبنية مدارسهم تفوق سعة المدارس الحكومية، علاوة على الرواتب المغرية لمن ينضم إليهم ويعمل معهم، وأصبح لهم إذاعة في لبنان تبث أفكارهم وتدعو إلى مذهبهم، كما ينتشر أتباع الحبشي في أوروبا وأمريكا وقد أثاروا القلاقل في كندا وأستراليا واليبان والسويد والدانمارك.
وقد ذكر العلامة النحرير مفتي المالكية ثم الحنفية في الجامع الأُمَوي في دمشق السيد إبراهيم بن القطب إسماعيل اليعقوبي رحمهما الله في كُنَاشَته أن الهرري قرأ عليه بعض الكتب أيام إقامته في دمشق، فالهرري في عداد تلاميذ السيد إبراهيم اليعقوبي، وكان علماء دمشق في غِرَّة من أمر الهرري لكونه منتحلاً علم الحديث والتصوّف ويتصدّى للرد على ناصر الألباني، علماً بأن الألباني أعلى باعاً منه في علم الحديث وأوسع إطّلاعا بكثير، فلما تبيّن أمره تبرّؤوا منه، وكان السيد إبراهيم في طليعة من أخرج الهرري من سوريا، وكان يراه (ضالاً مضلاً) على حد تعبير ابنه العلامة المحدث المسند الفقيه الداعية المجاهد السيد محمد أبي الهدى اليعقوبي حفظه الله، وكان يراه فقيه السادة الأحناف الشيخ محمد أديب كَلَّاس الدمشقي رحمه الله تكفيرياً مبتدعاً لا سيما فيما أتى به الهرري من إيجاب تكفير المعتزلة، وأجاب في الأحباش تلميذ الشيخ أديب العلامة الفقيه المربّي الشيخ عبد الهادي خرسة ما نصّه (الأحباش عقيدتهم الأساسية صحيحة موافقة لعقيدة أهل السنة والجماعة ولكن دخل إليهم انحراف في مسألة تكفير المعيّن من العلماء والعامة لكلامٍ يحتمل التأويل وتكفير من لم يوافقهم على التكفير فضلّوا بسبب ذلك وأضلوا وخرجوا بتلك المسألة عن عقيدة أهل السنة والجماعة) اﻫ.
وقال شيخ الإسلام في البلد الحرام المسنِد السيد محمد بن علوي المالكي رحمه الله سنة 1999 في داره بمكة أيام الحج الأكبر قال (كفّرني الهرري لأنّي لم أكفّر ابن تيمية ولأني استشهدت به في كتبي وهذا غلو وظلم) ثم قرأ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِله شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اِعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ ووصف الدكتور محمد وهبة الزحيلي الدمشقي فرقة الأحباش اللبنانية بأنهم ضالون مضلون وجماعة فتنة وأهواء وانحلال من الدين وأنهم مشبوهون في صلتهم بدولة أجنبيّة وحذّر منهم أشد التحذير لأنهم دخلاء على الأمّة متسترون بالرد على التجسيم والتنقيص فيغترّ بهم كثير من علماء العرب فضلاً عن العجم والعوام. وهذا محقق إذ ممثلهم في إيطاليا المدعو عبد الهادي بَلَازِّي يجهر بكونه (مسلم صهيوني محب لدولة إسرائيل وشعبها) على حد تعبيره. وكذا فنّدهم الدكتور محمد توفيق بن محمد سعيد البوطي في خُطَبه وغيرهم من العلماء كالمؤرّخ الشيخ أبي العِز محمد معتَزّ السُبَيني الدمشقي وكان منهم ثم تركهم وكالدكتور على جمعة والدكتور أحمد عمر هاشم والدكتور يوسف القرضاوي المصريين حفظ الله الأحياء ورحم الله الأموات.
وقد ألّف الهرري هذا كتباً يفسّق ويؤثّم فيها جميع الصحابة الذين قاتلوا علياً رضي الله عنه منها ما أسماه (الدليل الشرعي على إثبات عصيان من قاتلهم علي من صحابي أو تابعي) وينسب فيه أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير المبشرين بالجنة إلى العصيان والبغي والظلم والتمرّد جلياً وفي كتب أخرى كـ(صريح البيان) و(إظهار العقيدة) و(المطالب الوفية) و(الدليل القويم) و(بغية الطالب) و(المقالات السنية) وكذا خالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص إلا أنه ينسب الفريق الأول إلى التوبة وينسب الفريق الثاني إلى ميتة الجاهلية وهذا كلّه ترفّض قبيح، ولا يقبل ما اتفق عليه العلماء أن فعلهم رضي الله عنهم كان عن تأويل واجتهاد مأجور وكلهم من أهل الاجتهاد كما قال أئمة أهل السّنّة كأبي الحسن الأشعري والأئمة الأربعة وسائر أئمة السلف والخلف كالمحاسبي والخطابي وابن فورك وإمام الحرمين والآمدي والنووي وابن أرسلان و اللقاني، مع كونه يتستّر ويستشهد بالشافعي والأشعري وهو بعيد منهما كل البعد إذ أهل السّنّة قاطبةً يثبتون أن عليّاً على الحق ثم يكفّون عن ذكر الصحابة بالسوء. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه للربيع: (لا تَخُضْ في أصحاب النبي فإنَّ خَصْمَك الله يومَ القيامة). وكان عمر بن عبد العزيز إذا سئل عن صفين والجمل قال: أمرٌ أخرج الله يدي منه لا أُدخِلُ لساني فيه. وفي رواية: تلك دماء غيّب الله عنها يدي أأحضرها بلساني؟ وناهيك بقول الإمام أحمد رضي الله عنه لما سئل ماذا تقول فيما كان من علي ومعاوية رحمهما الله قال: ما أقول فيها إلا الحسنى رحمهم الله أجمعين. وقال أيضا في بيان عقيدة أهل السّنّة والجماعة:
«من الحجة الواضحة الثابتة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله ﷺ كلهم أجمعين والكفّ عن ذكر مساوئهم والخلاف الذي شجر بينهم فمن سب أصحاب رسول الله ﷺ أو أحدا منهم أو تنقصه أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب أحدا منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا بل حبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة. وخير الأمة بعد النبي ﷺ أبو بكر وعمر بعد أبي بكر وعثمان بعد عمر وعلي بعد عثمان ووقف قوم على عثمان وهم خلفاء راشدون مهديون ثم أصحاب رسول الله ﷺ بعد هؤلاء الأربعة خير الناس لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فإن تاب قبل منه وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة وخلده الحبس حتى يموت أو يراجع.» اﻫ. ومثله مروي عن كثير من أصحابه، عنه رحمه الله. كمسدد بن مسرهد وعبدوس بن مالك والاصطخري وغيرهم.
وقال الإمام الحارث المحاسبي رضي الله عنه في رسالة المسترشدين (أَصْلُ الِاسْتِقَامَةِ فِي ثَلَاثَةٍ:اتِّبَاعُ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَلُزُوْمُ الْجَمَاعَةِ) وهذا الهرري المارق فارق الجماعة ونبذ الكتاب والسّنّة والإجماع وراء ظهره. وقال المحاسبي عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: (نعلم أن القوم كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا، ونتبع ما اجتمعوا عليه، ونقف عند ما اختلفوا فيه ولا نبتدع رأيا منا، ونعلم أنهم اجتهدوا وأرادوا الله عز وجل، إذ كانوا غير متَّهَمين في الدين، ونسأل الله التوفيق) كما في تفسير القرطبي.
وقال الإمام الطحاوي في عقيدته: «ونحب أصحاب رسول الله ﷺ ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحدهم ، ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.... ومَن أحسن القول في أصحاب رسول الله ﷺ وأزواجه وذرياته فقد برئ من النفاق» اﻫ. وقال القاضي عياض في الشفا: ومن توقيره ﷺ وبره توقير أصحابه وبرهم ومعرفة حقهم والإقتداء بهم وحسن الثناء عليهم والإمساك عما شجر بينهم. والإمام الهيتمي يقول في (الصواعق المحرقة): «إعلم أن الذي أجمع عليه أهل السنة والجماعة أنه يجب على كل أحد تزكية جميع الصحابة بإثبات العدالة لهم والكف عن الطعنِ فيهم والثناءُ عيلهم، فقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم في آيات من كتابه، منها قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ آل عمران 110فأثبت الله لهم الخيرية على سائر الأمم، [قلت: والوسطية أي العدالة والخيرية بقوله تعالى ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ البقرة 143] ولا شيء يعادل شهادة الله لهم بذلك لأنه تعالى أعلم بعباده وما انطووا عليه من الخيرات وغيرها، بل لا يعلم ذلك غيره تعالى. فإذا شهد تعالى فيهم بأنهم خير الأمم وجب على كل أحد اعتقاد ذلك والإيمان به وإلا كان مكذِّبا لله في إخباره، ولا شك أن من ارتاب في حقّية شيء مما أخبر الله أو رسوله به، كان كافراً بإجماع المسلمين.» اﻫ. وعدّ الكلام فيهم من الكبائر في (الزواجر) كما سبقه إلى هذا الحكم كثير من الأئمة منهم القاضي عياض في الشفا والإمام النووي في شرح صحيح مسلم حيث قال: (سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سَواءٌ من لابس الفتنة منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة) وقال (وأما معاوية رضي الله عنه فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء رضي الله عنه) وغيرهما. ونحوه قول ابن كثير في اختصاره لمقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث:
«وأما ما شجر بينهم بعده عليه الصلاة والسلام فمنه ما وقع عن غير قصد كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد كيوم صفين، والاجتهاد يخطئ ويصيب، ولكن صاحبه معذور وإن أخطأ ومأجور أيضاً، وأما المصيب فله أجران اثنان، وكان علي وأصحابه أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين. »
قال الصّادق المَصدوق ﷺ (أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِم اقْتَدَيْتُم اِهْتَدَيْتُمْ) خرّج طرقه الحافظ ابن حجر في المجلس السادس والثلاثين من كتاب (موافقة الخُبْر الخَبَر) منها طريق قوّاها الحافظان البيهقي في كتاب (الإعتقاد) وابن عبد البر في (جامع بيان فضل العلم). قال قوّام السّنّة الأصبهاني في كتابه (الحجة في بيان المَحَجَّة وشرح عقيدة أهل السنة):
«قال أهل السنة : الكَفّ عن مساوئ أصحاب مُحَمَّد ﷺ سُنّةٌ لأن تِلْكَ المساوئ لم تكن عَلَى الحقيقة مساوئ، فالصحابة رضي الله عنهم كانوا أخْيَرَ الناس وهم أئمة لمن بعدهم، والإمام إذا لاح له الخير فِي شيء حتى فعله لا يجب أن يُسَمَّى ذَلِكَ الشيء إساءة، إذ المساوئ مَا كان عَلَى اختيار فِي قصد الحق من غير إمام، فكيف تُعَدّ أفعالهم مساوئ، وقد أمر الله بالاقتداء بهم، طهّر الله قلوبنا من القدح فيهم وألحقنا بهم.»
وقال الإمام الحافظ الأثري الأشعري شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن أحمد المَقَّرِيِّ المالكي (992-1041) في (منظومة إضاءة الدُجُنَّة في إعتقاد أهل السّنّة):
وَالصَّحْبُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ خِيَرَهْ *** فَمَنْ يُرِدْ وَجْهَ اهْتِدَا بِهِمْ يَرَهْ
لِأَنَّ مَنْ أَحَاطَ بِالخَبِيِّ *** عِلْماً حَبَاهُمْ صُحْبَةَ النَّبِيِّ
فَهُمْ نُجُومٌ فِي السَّرَى مَنِ اقْتَدَى *** بِهِمْ إِلَى مَعَالِمِ الحَقِّ اهْتَدَى
فَلَا نَخُضْ فِيمَا مِنَ الأَمْرِ اخْتَلَطْ *** بَيْنَهُمْ وَاحْذَرْ إِذَا خُضْتَ الْغَلَطْ
وَالْتَمِسَنَّ أَحْسَنَ الْمَخَارِجِ *** لَهُمْ فَالاِجْتِهَادُ ذُو مَعَارِج
أي: الله المحيط بكل خفي عِلماً أعطاهم صحبة النبي ﷺ فهم نجومٌ في السير ليلاً والمراد أنهم قدوة في الدين، فمن اقتدى بالصحابة اهتدى إلى الحق. ولا نخوض فيما وقع بينهم حذراً من أن ينسب إليهم ما لا يليق بمكانهم فإنهم كلهم عدول، وما وقع بينهم فكل واحد منهم مجتهد، ومن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر. والتمس أحسن التأويلات لهم، فللاجتهاد درجات. اﻫ. من قول الشارح محمد الداه الشنقيطي بتصرف يسير.
وأما الهرري ففي كتابه الذي أسماه (إظهار العقيدة السّنّية) يمتنع من القول بعدالة جميعهم خلافاً لأهل السّنّة والجماعة، قال الإمام القرطبي في التفسير: (الصحابة كلهم عدول، أولياء الله تعالى وأصفياؤه، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله. هذا مذهب أهل السنة، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة) وقال ابن عبد البر في الإستذكار: (الصحابة كلهم عدول مَرضيّون وهذا أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث). ويؤوّل الهرري التحذيرات النبوية من السبّ والشتم كحديث مسلم (لاَ تَسُبُّوا أَحَداً مِنْ أَصْحَابِي) والذي أورده ابن حبان في صحيحه في باب (ذكر الخبر الدال على أن أصحاب رسول الله ﷺ كلهم ثقات عدول) وحديث (اللهَ اللهَ في أَصْحَابِي) رواه أحمد والترمذي، وحديث (مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله) رواه البزار والطبراني وابن أبي عاصم وغيرهم وهو صحيح، بأنها تعني فقط السابقين الأولين لا جميع الصحابة. وهذا من الهوى وتقوُّل عجيب على الله تعالى القائل ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ التوبة 100. والعبرة لعموم اللفظ لا لخصوص سبب ورود تلك الأحاديث. وقد سبق أن ذكرنا قول الإمام أحمد في مفهوم النهي عن سب أي فرد من الصحابة وليس فقط على العموم.
ثم يأتي هذا الهرري فيؤوّل كلام الطحاوي (ونحب أصحاب رسول اللهِ ﷺ الخ) فيقول في ما أسماه (إظهار العقيدة السّنّية) (معناه أنه في الإجمال لا نذكرهم إلا بخير أما عند التفصيل فمن ثبت عليه شيء، يُنتَقد عليه) ويكرر هذا التحريف والتعطيل في كتابه (المطالب الوفية شرح العقيدة النسفية) عند قول الإمام النسفي (وَيَكُفُّ عَنْ ذِكْرِ الصَّحَابَةِ إلا بِخَيْرٍ) فقال (ليس مراده أنّه يَحرم ذكرُ أحد من أفراد الصحابة بغير الخير) وفي طبعة زملائه لكتاب (إجابة الداعي إلى بيان إعتقاد الرفاعي) أي عقيدة الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه عند قوله (وأن يعتقدَ فَضلَ الصحابَةِ وترتيبَهم، وأن أفضلَ النّاسِ بعد رسولِ الله ﷺ أبو بكرٍ ثمّ عمرُ ثم عثمانُ ثمّ عليٌّ رضوان الله عليهم أجمعين. وأن يُحسِنَ الظّن بجميع الصحابَةِ ويثني عليهم كما أثنى الله تعالى ورسولُه عليهم) فتراهم يقولون في الهامش (ليس مراده أنهم كلهم أتقياء صالحون) ثم يستدلون على رأيهم الرذيل بحديث الحوض الذي يتمسّك به الروافض وبحديث (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية) ثم يقولون بملء فيهم (وهذا ينطبق على معاوية ومن معه).
وفي كتاب الهرري (صريح البيان) يعيّن خالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم بالخروج من معنى تحريم سبّ الصحابة أي يبيح سبّهم. ويتبجّح بالقول إن الصحابة ليسوا بمعصومين وأن علياً تكلم في معاوية ويقول في كتابه (الدرّ المفيد) معاوية كان أنانياً وفي (المقالات السنية) يقول إن معاوية وكل من حضر صفين معه كان قصده من هذا القتال الدنيا، فلقد كان به الطمع في الملك وفرط الغرام في الرئاسة، كذا قال هذا الرجل عن صاحب رسول الله ﷺ وكاتب وحيه وخال المؤمنين الذي دعى له النبي ﷺ في الحديث الصحيح اللهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً مَهْدِيّاً وَاهْدِ بِهِ الذي رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وكبشراه ﷺ لجيش معاوية بالجنة في حديث البخاري في الصحيح أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ البَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا وولّاه عمر الفاروق على بلاد الشام وأقره عثمان ذو النورين رضي الله عنهم فقام بالجهاد وسدِّ الثُغور والظهور على أعداء الإسلام وحَكَمَ بين العباد بالسياسة الشرعية.
وقد اشتهر الهرري بعدم الأمانة العلمية في نقولاته حيث ينسب لنفسه الأشياء التي لغيره كما فعل بكتاب (بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب) الذي طبعه سنة 1407 تحت اسمه وقال (تأليف عبد الله الهرري)، ومرة ثانية سنة 1411 ثم افتضح واعترف في طبعته الثالثة سنة 1416 أنه من تأليف الفقيه عبد الله بن حسين بن طاهر باعلوي، ويبتر النصوص ويحولها عن معناها إلى ما يوافق هواه، ويسقط بعض العبارات في اختصاره لكتب غيره لأنها تخالف رأيه. ففي كتابه (الكافل بعلم الدين الضروري) وهو حقيقة مأخوذ من كتاب (سلم التوفيق) للحبيب عبد الله بن حسين المذكور، قام الهرري بحذف عدة مسائل لا توافق منهجه حيث حذف مسألة الاستخفاف بالعلماء ومسألة نهي خروج المرأة متعطرة أو متزينة ولو مستورة وبإذن زوجها، ثم في كتابه (حل ألفاظ الكافل) قال بعكسها أي أن لها الخروج متعطرة متزينة إن لم يكن قصدها التعرّض للرجال. ويقول فيه: «هؤلاء الذين كانوا مع معاوية ما كان فيهم ولي، أما الذين خرجوا إلى البصرة فقاتلوا عليّاً فهؤلاء كان فيهم من خيار الصحابة من أكابرهم اثنان، ومع ذلك هذان الإثنان نقول عصيا وقعا في المعصية.» كذا قال، والله أعلم من يعني بالإثنين أهما طلحة والزبير رضي الله عنهما فأما أم المؤمنين عائشة النبوية رضي الله عنها وأرضاها فلعله لا يراها من الأولياء الأخيار!
ولمن أراد أن يتحقق عنده عدم مصداقيته في نقل النصوص وأنه كذاب فلينظر إلى كتابيه (إظهار العقيدة السّنّية) و(صريح البيان) وليقارن بين إيراده كلام الإمام الأشعري الذي عزاه إلى كتاب (مقالات الأشعري) للإمام ابن فورك ثم لينظر إلى المقالات نفسها سيرى بتر كلام الأشعري وتحريفه. وكذا يخالف إمام الحرمين والآمدي والزركشي وغيرهم ممن ذكرنا من كبار الأشاعرة في المسألة ويحرّف كلامهم ويحذف ما لم يناسب هواه. وكذلك درج مقلّدوه فقد أخرجوا كتاب (ألفية صفوة الزُبَد في الفقه الشافعي) لابن أرسلان الرملي في بيروت سنة 1988 ثم سنة 1991 ثم الطبعة الثالثة سنة 1994 وحذفوا منه هذا البيت:
وَمَا جَرَى بَينَ الصَّحَابِ نَسْكُتُ عَنْهُ وَأَجْرَ الاِجْتِهَادِ نُثْبِتُ
لأنه يبيّن مذهب ابن أرسلان والشافعية والأشاعرة في الصحابة رضي الله عنهم، والأحباش يريدون إخفاء الحقيقة. فلما طبعوه مرة رابعة سنة 2001 أعادوا البيت مكانه لكن زادوا هامشاً بثّوا فيه من خبائث ظنونهم.
وقال في الأحباش الشيخ محمد معتزّ السُبَيني في دمشق أنه تحقق عنده اختلاقهم فتوى مزوّرةً زعموا أن مفتي داغستان أصدرها في حق الشيخ عبد الله فائز الداغستاني شيخ الشيخ ناظم القبرصي يضلل فيها الشيخ عبد الله، وهذا افتراء يكذبه علم التاريخ، إذ الشيخ عبد الله الداغستاني هاجر من داغستان إلى تركيا في صغره دون سنّ البلوغ ونشأ في تركيا ولم يشتهر في داغستان قط. واخترع عبد الله الهرري شخصاً أسماه محمد زاهد النقشبندي، ينقل عنه الهرري أنه قال في الشيخ عبد الله الداغستاني (إنه ليس سنّيّاً ولا نقشبندياً، وهو مقطوع ليس موصولاً). نشر الأحباش هذا الكلام على مواقعهم، وكم يحبّون الطعن في دين الناس وأنسابهم. ومحمد زاهد هذا شخص وهمي لا وجود له، ونقل الهرري عنه من زور الكذّابين الوضّاعين.
ونشرت جمعيتهم سنة 2004 أي في حياة شيطانهم كتاباً أسموه (كشف ضلالات ناظم القبرصي) جمعه البَهَّات سمير القاضي وجاؤوا فيه بأضراب الأكاذيب على الشيخ ناظم. فانتدب مدير أوقاف دبي آنذاك البحاثة الداعية الشيخ عيسى الحميري الإماراتي لزيارة الهرري في مقرّه في بيروت ونصحه أن يتوب وأن يكفّ من الوقيعة في الناس واستغرب معاملتهم إيّاه وتأذّى منهم جداً فلما خرج من البناء قال فيهم كأن القوم يتعاطَون السِّحر!
ثم في كتابه (التعاون على النهي عن المنكر) يتبنى عبد الله الهرري القول بتجهيل من قال بعدم تكليف بعض الأنبياء بالتبليغ من الأئمة والمفسرين كالإمام الرازي والقرطبي والسيوطي في الجلالين والسنوسي في (الحقائق) وغيرهم.
وفي (صريح البيان) و(المطالب الوفية) و(الصراط المستقيم) و(الدليل القويم) و(إظهار العقيدة السنية) يبتدع الهرري إيجاب تكفير المعتزلة لتوهّمه أنهم المعنيون بالقدرية الأوائل الذين تبرأ منهم الصحابة كما في أول صحيح مسلم وكفّرهم الأئمة، بل ادّعى الهرري الإجماع على تكفير المعتزلة فأظهر جهله بما أثبته أئمّة الأشاعرة بعدم كفرهم كما هو مذكور في (إحكام الأحكام) لابن دقيق العيد القائل (الحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة إلا بإنكار متواتر من الشرعية عن صاحبها فإنه حينئذ يكون مكذبا للشرع وليس مخالفة القواطع مأخذا للتكفير وإنما مأخذه مخالفة القواعد السمعية القطعية طريقا ودلالة) والقَرافي في (الذخيرة) والدوَّاني في (شرح العقائد العَضُدية) والهيتمي في (الإعلام بقواطع الإسلام) وغيرهم. ويراجع أيضاً تحذيرهم الشديد من تكفير المسلمين في (الاقتصاد في الاعتقاد) لحجة الإسلام الغزالي وأول (طبقات الشافعية الكبرى) لابن السبكي والجزء التاسع من (تحفة المحتاج في شرح المنهاج) للهيتمي في كتاب الردة حيث قال (تنبيه ثانٍ ينبغي للمفتي أنه يحتاط في التكفير الخ).
وفتاوى الهرري والأحباش الخوارجية في تكفير المسلمين ورميهم بالشرك والوثنية وكذلك فتاواهم الشاذة مشهورة عند علماء العرب، كإسقاط الربا والزكاة عن النقود الورقية بدعوى أنها لا علاقة لها بالزكاة إذ هي واجبة فقط في الذهب والفضة كما يجيز أكل الربا، فهذا تحليله للحرام وتحريمه للحلال الذي نبّه عليه الدكتور وهبة الزحيلي وغيره من العلماء. وكجواز مشاهدة الصور الخليعة والتمعّن فيها لأنها مجرّد صور ظلّية وتذرّعاً بما في حاشية البجيرمي على الخطيب تعليقاً على قوله أَحَدُهَا نَظَرُهُ إلَى بَدَنِ أَجْنَبِيَّةٍ فَغَيْرُ جَائِزٍ قال المحشي: وَخَرَجَ بِهِ رُؤْيَةُ الصُّورَةِ فِي نَحْوِ الْمِرْآةِ وَمِنْهُ الْمَاءُ فَلَا يَحْرُمُ وَلَوْ مَعَ شَهْوَة وقال الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: قال: وَسُئِلَ هل تَجُوزُ رُؤْيَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ في الْمِرْآةِ وَالْمَاءِ الصَّافِي فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ ذلك أَخْذًا من أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ في رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَلَا يَحْنَثُ بِهِ من عَلَّقَ على الرُّؤْيَةِ، وجواز التهرّب من صلاة الجمعة بأكل الثوم والبصل وقولهم في مفاخذة الأجنبية أنه ليس بزنا بل من اللمم، وإباحته لبس السِباحة القصير جدا للرجال أي كشف الفخذ إلى أعلاه. كل هذا مع انتحاله مذهبَ أهل السنة والحديث والتصوف والتعصّب للأشعري والشافعي والرفاعي وكلّه فيه ما فيه من التزييف والمراءاة.
وعلّم الهرري أتباعه التفرعن على الأولياء وأورثهم جرأته الخوارجيّة على تكفير العلماء وتضليلهم، كالسيد متولي الشعراوي والأستاذ محمد سعيد البوطي الذي قال عنه الهرري في (التعاون على النهي عن المنكر) إنه ينشر الضلال وقال عنه الأحباش (البوطي يصرح بالحلول والتجسيم في حق الله تعالى والعياذ بالله تعالى من الكفر) والأستاذ وهبة الزحيلي حفظه الله الذي قالوا عنه (هذا الدكتور الذي انسلخ من الإيمان هذا المنافق الزبيلي الخسيس الكذاب الأشِر) ويرموه بالتجسيم وبمحاربة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وهو إفك وبهتان عظيم، والشيخ رجب ديب النقشبندي صاحب مفتي الجمهورية السورية الشيخ أحمد كفتارو له تفسير يفوق ثلاثين مجلداً لم يطبع بعد، ومفتي لبنان الشيخ حسن خالد الذي قُتل شهيداً بعد ما أراد أن يمنع الهرري من الإقامة في لبنان، والسيد الشيخ محمد بن علوي المالكي والشيخ ناظم القبرصي والدكتور يوسف القرضاوي وغيرهم، ويُكفّرون ابن تيمية وكل من لم يكفّره أو يستشهد به، وفي كتابه (نصرة التعقُّب الحَثيث على مَن طعن فيما صحّ من الحديث) المطبوع سنة 1959 كفّر الهرري ناصراً الألباني لمجرّد مخالفته له في أدلة السبحة.
وقال فيهم الدكتور على جمعة مفتي جمهورية مصر العربية: تنتسب هذه الطائفة إلى شخص يدعى عبد الله الهرري الحبشي. وهي طائفة لها ظاهر وباطن. فظاهرها التمسّك بظاهر مذهب الشافعي في الفقه ومذهب الإمام الأشعري في العقيدة. وباطنها تكفير المسلمين، وتفسيق المؤمنين، وإشاعة الفتنة بين الأمة، والعمالة - في مقابل المال - لأعداء الإسلام والمسلمين. . . . فرأيناهم يثيرون مسألة اتجاه القبلة في أمريكا مخالفين مقتضيات العلم الحديث منكرين الواقع المحسوس باعتباره بدعة، وفي نفس الوقت أثاروا نفس المشكلة في اليابان، وأثاروا مشكلة الصلاة خلف غيرهم، ومشكلة الأطعمة، ومشكلة الزواج من الكتابيات، وغيرها من المسائل المختلف فيها بين المجتهدين العظام والأئمة الأعلام على مر العصور. وذهبوا إلى حل اختلاط الرجال بالنساء، والى تكفير حكام المسلمين، والى جواز التعاون مع المشركين، في خلط غريب لم يحدث لدى مذهب أو طائفة من مذاهب وطوائف المسلمين من قبل. وقد أشاعوا موت إمامهم ثم أشاعوا حياته، ولا يدري أحد نوع المرض النفسي أو العقلي الذي أصاب هؤلاء فجعلهم يهرفون بما لا يعرفون بهذه الطريقة العجيبة التي جعلت كل المسلمين يأنفون من سيرتهم التي تذكر دائمًا بالفتنة والفرقة، ولقد أصدرت عدة جهات إسلامية معتبَرة التحذير منهم: منها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، والهيئة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالسعودية، والمجلس الأعلى للإفتاء بأمريكا الشمالية وغيرها. اﻫ. نشرت هذه الفتوى في أواخر سنة 1999 أي قبل أن يولَّى فضيلة الشيخ علي جمعة الإفتاء.
وفي آب أغسطس 2001 أصدر رئيس جامعة الأزهر الدكتور أحمد عمر هاشم بياناً يعلن فيه براءة جامعة الأزهر من جماعة الأحباش اللبنانية ويؤكد موقف الأزهر مما وصفته من (عدم سلامة هذه الجمعية وعدم مصداقيتها وعدم سلامة تفكيرها الإسلامي) على حد تعبيره. وقال فيهم الدكتور يوسف القرضاوي ما نصه: «هؤلاء يمثلون فئة من الناس خرجت على إجماع الأمة وكفرّوا علماء المسلمين، هذه الفئة التي تسمى (الأحباش) وهذه الفئة لها اجتهادات في غاية الضلالة. ... هؤلاء خرجوا على إجماع الأمة، كفرّوا ابن تيمية وابن القيم والذهبي وابن باز وابن عبدالوهاب وسيد قطب والغزالي ولم يدعوا أحداً، ثم هم جهلة، والمشكلة أن هؤلاء يجهلون ويجهلون أنهم يجهلون، وهذا اسمه الجهل المركَّب وكما قال الله تعالى ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.» اﻫ. ومن كلام مفتي المملكة السعودية فيهم: «هذه الطائفة ضالة ورئيسهم المدعو عبد الله الحبشي معروف بانحرافه وضلاله فالواجب مقاطعتهم وإنكار عقيدتهم الباطلة وتحذير الناس منهم ومن الاستماع لهم أو قبول ما يقولون.» اﻫ. ﴿لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ التوبة 47. والله أعلم وأحكم.
حاصل الكلام أن الهرري شاتم الصحابة ومكفّر للعلماء فهو والأحباش تكفيريون خوارج من جهة ومتشيعون من جهة أخرى، يشبهونهما في التقية وادعاء الظاهر الذي يخالف الباطن كما سبق أن ذكر من تنبيهات العلماء. ومن جنون جرأتهم على النفاق أنهم يقدمون أنفسهم على أنهم (يحاربون الأفكار التكفيرية ولا يوافقون على الأعمال العسكرية والأمنية ضد الحكومات والأشخاص كما يقدمون أنفسهم على أنهم منفتحون على الآخر وأنهم غير راضين على الأفكار الشاذة التي تقود إلى التكفير على أسباب خلافية) وهذا الكلام برمّته عكس حقيقتهم كما أفاده المفتي علي جمعة إذ هم أنشط تيّار مُندس في صفوف أهل السّنّة لبث الاختلافات والآراء الشاذة وإشعال الفتن بشكل مستمر. وحسبنا تحذير المعصوم ﷺ كما رواه صاحب سرّه سيّدنا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رضي الله عنه لمّا سأله: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ :«نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». متفَق عليه. فالحذر من الهرري ومن فرقة الأحباش جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، وما علينا إلا البلاغ، والله المستعان، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم، والحمد لله ربّ العالمين.